السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعد الله أوقاتكم بكل خير
هذه التدوينة الثانية نكمل فيها معكم عن مسلسل “الروح والرية” يمكنك الاطلاع على التدوينة الأولى من خلال هذا الرابط : https://t.co/1TwbrZuzgw?amp=1
ولا ننسى ذكر التنويه الآتي :التدوينة تحتوي على حرق فإذا كنت تنوي مشاهدته وتتضايق من الحرق لا أنصحك بالإكمال أما إذا كنت لا تمانع أو قد شاهدته فأكمل مشكورًا.
فهد البناي : مشاري والذي يعتبر النموذج الأمثل لشخصية الرجل الذي يُقال عنه” زوجوه يعقل” وأعتقد في هذا العمل كانت رغبة الزواج و الاندفاع إليه قراره لوحده ولكن النتائج وما ترتب على قراره لم يتحمله لوحده أبداً بل إنه أخرج نفسه من الصورة, أحببت أداء فهد البناي التراجيدي في مشاهد السجن وخروجه من السجن و فراش المرض و بعض نظراته في بعض المشاهد التي تقول بأن الشخص المستهتر أو اللامبالي يمر بين حين وآخر بلحظات يعلم بها أنه خيب ظن الآخرين فيه و أخزاهم.
فيصل فريد: سند يذكرني في شخصية “صقر” التي أداها الفنان حمد العماني في مسلسل “أم البنات حيث إن الفنان حمد العماني أصبح لديه قبول كبير بالنسبة لي في أي عمل بسبب طيبته و “حبابته” بشخصية صقر في أم البنات , سند كان من اسمه نصيب في هذا العمل وأعجبت جداً لاستخدام الاسم للدلالة على نوع الشخصية والدور, طبعاً مشاهد القراءة والكتب في بداية المسلسل كانت جاذبة بالنسبة لي حتى إنني أركز بعناوين الكتب التي بين يديه, مع ملاحظة أن رواية الخيميائي لم تترجم في التسعينات ولكن بقية الكتب ملائمة جداً لذوق سند و في تلك الأعوام , مشاكل الغضب التي لديه وطريقة معالجتها لها والصراع الذي يمر فيه حتى يقاومها مع بيان بذورها والتي كانت شعور الضعف في طفولته, إحساس المسؤولية والذي أضاع منه حب حياته حتى لا يظلمها بسبب أحواله المادية البسيطة والأعباء الكبيرة التي عليه, وجوده ودوره في حياة أخواته و أزواجهم,والأهم بالطبع احتواؤه لزيد واتخاذه كأخ أصغر رغم ما عليه من أعباء ولكنه حين رأى من هو بحاجة للعطاء المعنوي قبل المادي قدمه و أعطاه, أعتقد أن فيما سبق كان ذلك منتشر بشكل أكبر وهو احتواء شخصٍ ما فيصبح جزء من الأسرة وقد لا يكون احتواء ولكن شخص يندمج في محيط الأسرة أو العائلة ويصبح منهم هذا النموذج أعتقد أنه كان موجود ومقبول فيما سبق قبل أن يتحول الحال اليوم إلى نفسي نفسي أو الخصوصية و الاكتفاء,علاقة سند بصديقه وتأثره فيما كان يمر مع شعور بالعجز تارة وشعور بالقوة تارة أخرى,المشهد الأخير له و زوجته حامل أضحكني بعض الشيء لأنني لا أحب هذا المشاهد في نهايات المسلسلات ولكن ابتسمت فرحاً له بهذا النصيب والقدر.
محمد الدوسري : رياض وما أدراك ما حالي مع رياض طوال العمل ! رياض يمثلنا جميعًا,كلنا لدينا ذاك الشيء الذي فقدناه و لكنه لا يزال “في خاطرنا” وننشغل بالنظر للماضي وبالذكريات التي لدينا معه ولكن لو حصلنا عليه مرة أخرى قد نصاب بخيبة أمل وقد ندرك حكمة رب العالمين حين أخذه منا و نلاحظ فجأة النعم التي أبدلنا بها الله أثناء تلك الفترة التي انشغلنا فيها بالنظر للماضي,نحتار ولا نعلم ماذا نريد وماذا نفعل! لم يكن مرتاحاً حين كان يفكر فيه ولا ارتاح حين حصل عليه,أكاد أجزم بأن في لحظةٍ ما كان رياض كالطفل ” حين تحرمني من لعبتي أراها جميلة ولكن عندما تقدمها لي أنا الآن أقرر بأنني لا أريدها” , لحظات فقدان رياض أعصابه بسبب الهم الذي هو فيه, مثلما ذكرنا في التدوينة السابقة افصاحه عن سبب طلاقه من خلود لهنادي كسر جدار كان بينهم ولكن الأريحية التي توفرت لديه سهلت عليه جرح هنادي والإفصاح في لحظات الغضب من غير مراعاة لمشاعرها, قضية مهمة طرحتها أنفال الدويسان في حالة رياض وأسرته وهي أهمية التواصل والاتفاق بين جميع المربين لما فيه مصلحة للأبناء أم و أب و زوجة الأب , نموذج رياض كان يخبرنا بأن هذه هي الدنيا وهذا هو حال رب الأسرة الطبيعي عمل و انشغالات , هم و فرح , جد و لعب , مسؤوليات و قرارات, مكافأة وعقاب , هذا هو حال الحياة كل يوم وخاصةً حين تكون أب .
جنى الفيلكاوي : شيخة و معاناة شيخة , في البدء كنت أعتقد أنه عناد المراهقة +ظروف طلاق الوالدين , ولكن حين تبين لي اشتراط رضا أمها وحبها بالمضايقات التي تسببها لهنادي تعاطفت للغاية معها,أحببت كيف أن علاقتها مع سماع الأغاني والسماعة كان لها دور من أول العمل لآخره , لم تكن أنانية صرف و لا شريرة ولكن سهل التلاعب بها مع بعض المزاجية, أقدر جداً جداً جداً لأنفال إنها لم تدع شيخة “وكعادة الكتاب في تناول هذا العمر وهذه الحالة” لم تدع شيخة تدخل في موضوع العلاقات والحب,طرح قضية السرقة نال على إعجابي و قرب هنادي منها والحديث معها وتقريب فكرة الأخوات لشيخة , حتى نظرة شيخة حين حضنت آمنة هنادي في المستشفى بالحلقات الأخيرة ذكرتني في الأحاديث بين شيخة وهنادي عن الأخوة ,أشكر لهم في الحلقة الأخيرة حين استعانوا في الممثلة لولوة الملا لتمثيل دور شيخة بعد عشرين سنة, مشهد لطيف ونظرات شيخة فيه بين أمها وأبيها وزوجة أبيها كانت امتداد لما كانت تعيشه طوال العمل ,شكراً لأنهم لم يختاروا أي ممثلة عشوائياً لهذا المشهد.
أحمد بن حسين و الزين بوراشد : فهد وحصة أيضاً مثلوا قضايا تواجه الأهالي في كل مكان , جميل جدًا وجود شخصية طفلة مريضة تعاني من مشاكل صحية تسخط أحيانًا و تتقبل وتلعب في أحيان أخرى ولا يشكل مرضها عائق, التدخين و الغش بالنسبة لفهد و أعتقد أن نقطة محورية في تحول شخصية فهد هو حين علم بكسل أمه و كرهها للدراسة, وأيضًا استعراض سهولة التلاعب بالأطفال أحيانًا بالتلفاز والأكل والحث على الاتكالية, حاجة الأهالي وبشكل دائم بالتواجد والحضور حتى يكتسب الابن الصفات التي تجعل منه إنسانًا صالحاً.
شيماء علي : خلود التي أشعر بالذنب لأنني لا أتعاطف معها و مع حالتها المرضية فأنا منحازة وبامتياز مع هنادي , خلود تغيبت لعدة سنوات و حصلت على مرادها ثم صرخت متعجبة لأن رياض لم يكن هو رياض الذي عرفته ! وهذا يشابه العديد من الناس حولنا من قد يكون في مرحلة بحياتنا هو الأقرب لنا وحين يعود بعد سنوات يتفاجئ بتغيرنا! وكأننا توقفنا لسنوات بانتظاره ! أحياناً أشعر بأن الشخص الذي اغترب عن عائلته سنوات الدراسة قد يتفاجئ به من حوله مفاجأة رياض لخلود , غادرهم و هو مراهق بعمر السابعة عشر ثم عاد بعد تجربة صقلت شخصيته و بعمر أكبر ومرحلة مختلفة ويتفاجؤون من تغيره عليهم !
بل أكاد أجزم أن لا يوجد شخص لم يتغير بطريقة أو بأخرى بعد عام الكورونا و لو تواصل مع أي شخص انقطع عنه خلال هذين العامين سيجد أمور كثيرة تغيرت أو على الأقل ظهرت على السطح, لم أعلم ما هو نوع المرض تحديداً لدى خلود ولكن كان واضحًا التفاوت الكبير في حالتها المزاجية وأحيانًا عدم قدرتها على التعاطف مع أبنائها, تمنيت لو أن مشاهد حياتهم الأسرية قبل الطلاق مع الأبناء أن تكون مع ممثلين آخرين بخلاف جنى و أحمد والزين حتى يتضح للمشاهد أن هنادي في حياتهم منذ سنوات تتعدى السنتين أو ثلاث بعمر ابنها محمد, ويفسر انعدام وجود خلود بتلك السنوات ومدى انخراط هنادي في حياتهم وتربيتهم.
يعقوب عبدالله : مشعل إنسان طيب و محب و ذو شخصية ضعيفة بين شخصيات قوية أمه و زوجته واللتين تشتركان في كونهما أخذا دور الأمومة لأخوانهم, وأحياناً أشعر بأن مشعل هو النموذج المثالي لضحية الابتزاز العاطفي والذي كانت تمارسه ضده أخته عفاف, هو الذي تربى على أن الكبير علينا مداراته و لو كان على أنفسنا , علينا أخذ رأيه وتبنيه و لو كان لا يناسب قناعاتنا, هو الشخص الذي تُلوى ذراعه من قبل أقرب الناس وهو “احترامًا وتقديرًا” يرضخ , قمة رضوخه كانت حين قبل أن يتقدم لخطبة فتاة من أجل إثارة غيرة آمنة , لو إنه جرب أن يكتب لها كما اعتاد قبل الزواج ؟
كانت هناك لحظة في مشهد طي الملابس في الحقائب بغاية الرجوع لبيت والدها , اتخذت قرارها بناءً على تفكير مشعل في صوت عالي وقت تلقيه خبر عدم قدرتها على الإنجاب , كان يطلب منها وقتًا لاستيعاب الموضوع وكانت أنانية منها ألا تمنحه الوقت, كان يدافع عن حقه ورغبته في التفكير بصوت عالي في خضم هذا الأمر الهائل الذي ألم به .. هل نستطيع فعلاً أن نفكر بصوت عالي ونعبر عن مخاوفنا,عن أحلامنا التي تبخرت , أمام من نحب ؟ أم علينا المداراة و كبت مشاعرنا و أفكارنا ؟
فاطمة الحوسني : عفاف الذي بداخلها وحش برز وظهر بزواج مشعل,قد تكون فعلاً شخصية صعبة وهذا سبب ابتعاد الأهل من حولها كما قالت لها آمنة مرة , ولكن استبد الوحش بزواج مشعل وأعتقد سواء هي اختارت زوجته أو لا فالتصرفات نفسها , عفاف لم تعلم كيف تواجه مشاعرها ولم تفهم نفسها بل أعتقد أن الخلل هو توقعاتها التي كانت تتبناها طوال حياتها و تربيتها لمشعل أن يكون هو الذي تعيش من أجله و هو الذي يعوضها عن الابن الذي لم تنجبه و الزوج الذي لم تجده , علينا أن نعيش هذه الدنيا بلا أي توقعات من أي شخص سواء للوقت الحالي أو بعد سنوات, حتى و إن كانوا أبنائك فأنت تعطي و تقدم و تتعامل بالطريقة التي ترضاها كنوع من تحمل المسوؤلية في علاقاتك و لوجه الله ,أما أن تعطي و تقدم و تتعامل مقابل توقعات في رد الجميل أو المنة في وقتٍ ما فهذا أمر لا يعود بالخير لك و لا للآخر, أكثر مشهد شعرت فيه بالسخط اتجاه عفاف هو مشهد “كسر الروليكس”, أحببت كيف أن زواجها لم يغير بها شيء فهذا يخالف ما هو متداول بشأن أن الزواج قد يلهي الانسان أو يشغله بنفسه عن الآخرين – كما كانت توقعات آمنة – فالإنسان لا يتغير عن ما هو عليه فقط بفعل الزواج !
أعتقد نكتفي بهذا القدر , شكراً جزيلاً لأي شخص يقرأ التدوينتين و يصل إلى هذا السطر,شكراً على وقتك
مؤخراً بهذه الطريقة التفصيلية أصبحت أشاهد الدراما سواء أفلام أو مسلسلات أحياناً حواراتي مع صديقاتي – لو شاهدن العمل- تكون بشكل مشابه حيث دور الإعلام أكثر من مجرد تمضية وقت وينتهي بإغلاق الشاشة بل له دور في تكوين صورتنا عن المجتمع والناس وعن الحياة و الأفكار.
No Comment! Be the first one.