السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
تدوينة اليوم بإذن الله عن كتاب : في أدب الصداقة
لكلٍ من : عبدالرحمن منيف و مروان قصاب باشي
الكتاب كان إهداء من صديقتي الغالية : ريم الشمري
أذكر حين تم إصداره قالت لي : طيبه في كتاب ضروري تقريره راح اييب لج نسخة اسمه في أدب الصداقة
و من حينها كلما وقعت عيناي عليه في مكتبتي أو بالمكتبة أتذكر ريم
الكتاب يُعتبر من أدب الرسائل حيث إنه عبارة عن رسائل بين الكاتب عبدالرحمن منيف و الفنان الرسام مروان قصاب باشي
من ١٩٩٠ إلى ٢٠٠٤
لماذا اخترت قراءته ؟ كما ذكرتُ مسبقاً – في تدوينة سابقة – بأنني أحببت فكرة تحديات القراءة و أحد بنود تحدي القائمة لحساب بوكتشينو
كتاب يُعتبر من أدب الرسائل *
أشعر بالامتنان للتحدي لأنه يساعدني على اختيار ما اقرأ من كتبي … فالواحد منا يحتار بأي كتاب أو رواية يبدأ أو كيف يصيغ أولوياته بالقراءة
و متى يحين وقت الكتاب الفلاني؟
مادام هناك كتب في مكتبتي بالانتظار و من ضمن البنود … لم لا ؟
و هذا ما حدث في العام الماضي مع رواية : فتاتان من شنغهاي – ليزا سي
وهذا العام مع كتاب في أدب الصداقة حيث كلاهما كانا في مكتبتي تقريباً منذ ٢٠١٢ و قرأتهما لأنهم من ضمن أحد البنود
نبدأ بالكتاب و موضوع التدوينة
أول مرة اقرأ لعبدالرحمن منيف و كلما قرأت رسائل مروان و حالته أثناء قراءة الشرق المتوسط و مدن الملح و افتتانه بهم
تزداد رغبتي للتعرف عليه كروائي أكثر بالإضافة إلى كتبه التي تحتوي على مقالات ثقافية أكثر من السياسية أترقب لها أكثر
بين دمشق و بيروت إلى برلين على مدى ١٤ عام و رسائل بين صديقين من القلب
رسائل يُشجع بها الكاتب الرسام كي يكتب و يُشجع الصديق الرسام بالمقابل الكاتب ليُطلق الفنان الذي بداخله
و إن جاوز الستين عاماً فلا يهم مادام هناك رغبة وفكرة
لحظات ألم … بشرى … حزن … فرحة … قلق … فرج و وداع
كتبوا لبعض لمتعة الكتابة نفسها ، متعة ترقب الرسالة و فتحها ، بل إن مروان كانت لديه طقوس وحالة مزاجية معينة ليفتح و يقرأ
فالأخبار و التحيات والاتصالات كانت متواجدة و لكن للرسالة طعم آخر ، حتى إن إحدهما أرسل للآخر رسالة تبدأ بـما معناه
لقد انتهيت للتو من لقائك ولكن رغبت بالكتابة لك
هذه الرسالة جعلتني أتفكر بأنني حتماً لا أعرف ولا أميز خط كتابة صديقاتي ! فقد اندثر أي تواصل بخط اليد بيننا
أفكار و مخططات لمشاريع كتابية مشتركة من الفكرة وحتى الطباعة والتوزيع لإصدارهم المشترك الذي كان بعنوان
مروان قصاب باشي : رحلة الحياة والفن
و هو كتاب صدر عن المركز الثقافي العربي للتعريف في الفنان المغترب لمدة ٥٠ عام في ألمانيا
وحسب ما ورد بالرسائل إن عموماً عبدالرحمن منيف رحمه الله كان يحرص كثيراً على توثيق أعمال أصدقائه خاصةً بعد وفاتهم يُسارع ويطلب من الجميع
الكتابة و الجمع عن هذا الكاتب أو ذاك حتى لا يطويه النسيان و ما ذلك إلا وفاءً منه لأصدقائه و إيمانه بأهميتهم على المشهد الثقافي في العالم العربي
وقد يكون ذلك مما هو متعارف عليه لجيلهم ولكنني كلما قرأت عن تكريم أحد الكُتاب ممن توفاهم الله استحضر مؤخراً الجهود التي بُذلت لتكريم الكاتبين
إسماعيل فهد إسماعيل و ناصر الظفيري رحمهم الله من زملائهم ومحبيهم وقُرائهم
في الكويت
جميلة تلك الرسائل التي تصف دمشق و شوق مروان لها وكيف بالبُعد كل تفصيل صغير يكون له ذكرى جميلة
وذلك المجهود الذي كان يُبذل لإخراج تصميم الغلاف و الاهتمام بالتفاصيل حتى تكون لوحة الغلاف مميزة بتميز رسامها
حتماً زيارتي المقبلة للمكتبة و لمعارض الكتاب القادمة ستكون نظرتي مختلفة
أن تقرأ لفنان عن مشاعره وأفكاره بخصوص فنه و يومه بين اللوحات لأمرٌ شاعري ورائع … وأصبحت أفكر بفناني اليوم كيف لهم أن يُبدعوا
مع نمط الحياة السريع و المُشتت الذي نعيشه ؟ كيف لفنان أن يُوازن في وقته بين عمله و فنه ؟ شعرتُ بأنه لابد من تكريس العمر للفن والابداع
عالم الإنترنت وجوجل أحياناً يُقيد خيالنا … الكثير من الوصف لـ اللوحات والمشاهد كان بالإمكان بضغطة زر البحث عما يقصدون بالرسالة
ولكن الأجمل لو كانت اللوحات عبارة عن أحرف و كلمات
بل حتى صوت الشحرور الذي ذُكِر كثيراً منعت نفسي من البحث عنه لأنني أود الاحتفاظ بخيالي عنه
قد يكون أغلب كلامي اليوم كان عن جزئية الفنان ربما لأننا اعتدنا على القراءة عن الكُتاب والكتابة
فاستمتعت بكلمات الفنان عن رسمه و مزاجه
ولكن الاقتباسات أدناه جميعها ماعدا الأول هي من رسائل عبدالرحمن منيف
— جاء في نهاية كتابك، أنك لا تريد ان تثقل علي بهمومك والحديث عنها وقد حزنت لذلك ولابد لي أن أعاتبك على ذلك يا عبد الرحمن فإن ظهري ما يزال يملك بعض القوة وفي قلبي مكان كبير لك ويتسع لهمومك وجروحك إلى جانب فرحك. فلنتبادل الفرح ولنتبادل الهموم.. وإلا ، فلماذا القرب ولمن يكون الفيء!.
—بالمناسبة غدا ليلة القدر، وانت تعرف ما ليلة القدر إنها خير من ألف شهر، فاحلم وتمنى يا مروان، يا أبا يزن ، لعل الزمن يضيء طريقنا ويجعلنا أكثر غبطة
— غداً باكراً سوف أغادر إلى بيروت، أريد أن أهرب من العيد،أصبح العيد ثقيلاً على صدري، ولا أعرف لماذا يذكرني بالموت. إنه شعور السنوات الأخيرة، ولم يكن الأمر هكذا من قبل. لقد فقدت الأشياء معانيها ودلالاتها، ولم يبق إلا الشكل الخارجي الباهت
— الرواية يا مروان عذاب متواصل، إذ بالإضافة إلى الطول،فإنها لا تحتمل الضرائر، ولا تحب ان تبقى في الظل، أو منسية وهذا ما يجعلني قلقاً ومتوتراً، إذ لا استطيع أن أمنحها كل ما تريد،
ولا أستطيع أن أنساها في نفس الوقت، ولذلك لابد من طريقة شيطانية للوصول إلى معادلة مناسبة، سأحاول، وربما يساعد البرد على ذلك.
— عزيزي مروان
كل التحية والمودة، والشوق أيضاً، وأظن أننا سنفعل أشياء كثيرة جميلة.
لم يبق في هذه الحياة إلا القليل، ولذلك علينا أن نحاول الكثير قبل أن نمضي. لدينا أشياء كثيرة يمكن أن نقولها، أن نرسمها، أن نفعلها، لكن شيئاً ما يجعلنا أقل شجاعة. أحاول أن أسال وأفكر،
ولابد أن نتجاوز ذلك، ونصل إلى ما نريد.
هل توافق؟ أتمنى. أرسم. سأكتب، ولابد ان نخرمش وأننترك بصمات كثيرة
دمشق الشام
مساء خلع الضرس
ومساء انتهاء الكتاب
عبد الرحمن منيف
مع التحية
—رغم أننا لم نلتق في المانيا ، هذه المرة، فقد كانت الزيارة مفيدة وهامة، شدهت بمعرض فرانكفورت للكتاب، وقلت لنفسي:
لاتزال الدنيا بخير ، مادام فيها هذا الكم الهائل من الكتب، وفيهاهذا العدد الهائل من القراء الذين يبحثون دون كلل عن الكتاب.
— اليوم انتهيت من رواية وهي أول عمل لشاب يقيم في ألمانيا ،اسمه انور خاطر: أسم الرواية “الفراشة الزرقاء ؟ أحببت الرواية كثيراً، وأريد أن أهنئ صاحبها، لا أعرف في أي مكان يقيم لكنه
يبدو حساساً، أنيقاً، قاسياً، ومحباً أيضاً، ولذلك كتب هذه الرواية ، وبهذا الشكل الذي أحبته كثيراً.
— كنا، في وقت سابق، نهرول نحو الأيام الأتية، كنا نريدها أن تسرع، أن تنطوي، إذ كان هدفنا أن نكبر بسرعة. أما الآن، وربما في الأيام القادمة أيضاً، نريد ان نهدّي السرعة، أن نتأمل، أن نقارن،
لكن الأيام لا تترك لنا فرصة أو مجالاً، وهكذا يسيطر علينا الشعور بالأسى والشجن.
كنا نركض من أجل ماذا؟
والآن نحاول أن نبطئ
من أجل ماذا أيضاً؟
الكتاب جميل واستمتعت به و تقييمي له ٥ نجوم … نجوم لجمال قلوبهم رحمهما الله و حلاوة علاقتهما
نلقاكم على خير في تدوينة قادمة بإذن الله و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
No Comment! Be the first one.