السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحب أن أدون حين أشعر بالحاجة الشديدة لكتابة أو قول شيءٍ ما ، فلا ألزم نفسي بالتدوين بشكل دوري ، و فكرة تدوينة اليوم بعد أن ألحت علي و استمرت بالإلحاح حتى بعد عرضها على عدة شخوص بعدة محادثات .. وُجِب تدوينها
بسم الله نبدأ
مؤخرًا تابعت حلقات #بودكاست_وقار على اليوتيوب من إنتاج جمعية وقار لمساندة كبار السن و تقديم : أ.عبدالسلام الطليحان
بالحلقة الأولى كان الحديث عن مختلف الخدمات التي تقدمها الدولة للمسنين وبالحلقة الثانية كان الحديث مع شخص أسس فريق هايكينج لكبار السن بعمر السبعين والحلقة الثالثة كانت مع الدكتور بعلم النفس السريري د.سعيد وهاس
الجملة التي أضاءت في دماغي هي قوله عن متوسط عمر الانسان في السعودية – أعتقد أنه ينطبق على الخليج أيضًا– هو عمر ٧٤ عام ومع رؤية ٢٠٣٠ نجده في زيادة حتى عمر الـ ٨٥ تقريبًا
وهذا أمرٌ منطقي حيث مع تطور الطب و الأدوية و الوعي الصحي ، أصبح الناس يعيشون لمدة أطول من الأجيال التي سبقتهم ، رغم أن البعض لديه وجهة نظر أن الأجيال التي سبقتنا من آباء و أجداد كانوا أصح منا اليوم بسبب أكلهم الطبيعي و حركتهم الدائمة ، لكن لو تفكرنا فقط بموضوع تطور الطب بشأن الولادة القيصرية مثلاً نجد أن في الأجيال السابقة كانت من تتعسر ولادتها غالبًا تفقد حياتها أثناء الولادة و نحن اليوم أصبحت العملية القيصرية آمنة جدًا بل و أصبحت اختيارية ولا تقتصر على الحالات الطارئة، هذا كأبسط مثال على التطور تطور الطبي في جانب سمح للنساء بالعيش لمدة أطول وقياسًا عليه التطورات بكل جانب سواء الوقائية قبل الأمراض أو بإمكانية اكتشاف الأمراض بمرحلة مبكرة أو التطورات الدوائية أثناء العلاج ، لهذه التطورات المساهمة الأكبر بشأن زيادة متوسط عمر الانسان.
كيف لإدراك هذه المعلومة أن يغير فيك ؟
أول أثر لها باعتقادي هو نسف فكرة (وجود منهج) مُلزمين فيه بهذه الحياة و نقلق بشأن تأخرنا فيه ، نحن نعيش حياتنا حسب منهج محدد يبدأ منذ اليوم الأول لنا في هذه الحياة ، من الحبو والمشي والحديث إلى التخرج والعمل و الزواج والإنجاب !
و أي شخص يتأخر عن أقرانه بهذا المنهج يشعر بالقلق أو بالحاجة للتبرير عن اختيارات و مسببات تأخره !
هذا بالنسبة للمعيار العادي ، هناك من لديه معيار أعلى فيرغب بإكمال دراساته العليا و الحصول على المليون الأول قبل الثلاثين ، وهناك من ترغب بالزواج وإنجاب أبنائها الأربع قبل الثلاثين – لا أعلم لماذا هوس عمر الثلاثين كنقطة مفصلية!- أو الوصول لمناصب معينة بعمر مبكر.
لكن لو فكرنا بأن العمر قد يكون طويلاً ، فهذا قد يهدئ من روع الانسان بعض الشيء فيخفف على نفسه مشاعر القلق و الحسرة و الركض بهذه الحياة ، فيستمتع و يخطي خطواته بشكل أفضل حسب ما يناسب جدوله الزمني الشخصي و ليس حسب المنهج المقرر !
أذكر حكمة قديمة كانت معلقة بغرفتي أثناء مراهقتي تقول :
“اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً ، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً”
لو كنا سنعيش أبدًا ، لم العجلة ؟ لا بأس لو تأخرت أو تعثرت ، اسعى ولا تقف مهما كانت سرعتك .
ومن ناحية ثانية ، حين ندرك أن فرصة العيش قد تكون طويلة – بإذن الله – هذا يعني لابد للانسان من السعي المتواصل لتحسين نفسه وحياته و أفكاره وعاداته و سلوكه لأن بتحسينه لها تزداد جودة حياته و أيامه ، الاهتمام بالصحة النفسية والجسدية اليوم – ولو اعتبرته متأخرًا لأنك لم تنشأ عليه مثلاً– سيكون له بالغ الأثر على المدى البعيد ، و لو حاولت اكتشاف مهاراتك و ميولك و شغفك اليوم ، حتمًا ستكون لها بالغ الأثر للسنوات القادمة ، نجد العديد ممن حولنا أو ممن قرأنا عنهم بدؤوا مسيرتهم الفنية \ الرياضية \ المهنية في عمر متقدم ، أعتقد أحد أكثر النماذج حولنا هم حفظة القرآن الكريم منهم من حفظه قبل سن الخامسة عشر و الكثير بدؤوا بالحفظ بعد الخمسين ، فلا تهمل صحتك بحجة “آخرها موتة و قبر” ولا تُراكم المواقف والمشاعر بلا حل وتصافي بحجة “الحياة تقزر وخل نمشيها“ ولا تعتقد أبدًا بأن الأوان قد فات على مشروع تجاري أو تنمية موهبة أو اكتساب مهارة جديدة أو تحقيق حلم و حتى دراسة تخصص جديد ، ولا تحزن وتجزع بسبب تعثرك أو لعوائق تصادفها فالأيام تمضي و دوام الحال من المحال .
انتبه دائمًا للأمثال التي قد تصدقها ولكنها تعيقك و تثبط من عزمك مثل “بعد ما شاب ودوه الكتاب” ، “العلم بالصغر كالنقش على الحجر” ، “القطو العود ما يتربى” ، “بو طبيع ما يغير من طبعه” ، كلها تجعلنا نفقد الأمل بأن نتغير أو يتغير غيرنا.
مؤخرًا غيرت من مساري المهني و حاليًا أنا في مسار مؤقت قبل التوجه لمهنة التعليم و التي سأبدأ بها بإذن الله من الصفر ، و فكرة أنه لابأس فإن أمد الله بأعمارنا هناك سنوات كثيرة أمامي لخوض مساري الخاص بالتعليم من معلم مبتدئ إلى موجه أول أو مديرة مدرسة يومًا ما ، فهذا هو منهجي الخاص و خطي الزمني المناسب لي .
نراكم على خير و دمتم سالمين.
No Comment! Be the first one.