أسعد الله أوقاتكم في كل خير
اكتب لكم اليوم في ليلتي الأخيرة من ليالي الحجر الصحي لله الحمد والمنة على بلاغ هذه الليلة بصحة وسلامة و نفسية جيدة , ظننت للوهلة الأولى بأن وجودي في حجر منزلي لمدة أسبوع في غرفتي لوحدي قد يعني إنهاء عدة كتب و روايات ودونت بالفعل قائمة طويل لهذا الأسبوع ولكن لم أستطع إنهاء أكثر من رواية و نصف كتاب قصص قصيرة و ديوان شعري !
أحمد الله على إداركي لفكرة التساهل مع النفس و تفهم حاجة الجسد للراحة المطلقة في مثل هذه الأيام والحالات , واخترت الاسترخاء على القراءة النهمة المأمولة.
أحدثكم اليوم عن رواية : الذين كانوا مع الله للدكتور عادل الزايد ومن إصدارات دار شفق لعام 2021
قصة هذه الرواية هي إنها كانت عاشر رواية عربية اقرأها , خلال شهرين كانت اختياراتي الروائية كلها لكتاب عرب بعد أن لاحظت انحيازي الدائم للكتب المترجمة , اختياراتي كانت منوعة فقد قرأت لكويتيين و سعودية و عراقي و فلسطيني و سوداني و ارتيري و مصري , للأسف كانت تجربة خائبة ولكن أحمد الله أن ختامها كان مسك مع رواية : الذين كانوا مع الله.
لن أطيل الحديث عن العشر روايات فقد اكتب تدوينة في وقت لاحق عن هذه التجربة
في رواية الذين كانوا مع الله يجد القارئ نفسه يتنقل بين القاهرة و الهند و يختمها في الاسكندرية , رحلة محسن الذي يعيش بجانب مسجد السيدة زينب فيضيق ذرعاً بما يواجه من معتقدات مغلوطة و تعظيم لأولياء الله الصالحين و تبرك و نذور و بخور , و يقرر أن يترك كل شيء و يبحث عن الله , يتجه للهند , ذلك البلد المليء بجميع أنواع الديانات و الثقافات المنوعة , بلد ثري بالثقافات والقصص والناس الطيبة الرائعة , يقضي فيه محسن عشرون عاماً ثم يعود لمصر ليجيب عن سؤال كل من حوله طرحه عليه : هل وجدت الله ؟ تغربت عشرين عام , ما هي الاجابة ؟
تجربة أن اقرأ لكاتب كويتي رواية تدور أحداثها وشخصوها بالكامل خارج الكويت , أخوضها للمرة الثانية , في المرة الأولى كانت رواية : انتحار جماعي في هاريانا للكاتبة فدوى الطويل والتي كانت تدور أحداثها في الهند و جميع الشخصيات كانت هندية أيضاً و الآن مع د.عادل الزايد بهذه الرواية , لقد كان أمراً مثيراً بالنسبة لي بكل تلك التفاصيل التي قرأتها لمصريين عن مصر وحتى الفصول التي كانت في الهند كانت متقنة , حولي الكثير من الأهل و الأصدقاء الذين يعشقون مصر والشعب المصري , تساءلت هل هذا النوع من القرب والحب هو الذي استمد منه د.عادل إجادته في وصف الحياة هناك و الشخوص المنوعة , أم الإعلام المصري و الفن الذي تشربه معظم الوطن العربي منذ سنوات طويلة هو الذي قربنا لهم لهذه الدرجة ؟
كنت مأخوذة بتنوع الشخصيات في الرواية , أعترف بأنني بدأت بتدوين أسامي الشخصيات لأعبر عن كل شخصية منهم كيف صاغها الكاتب و أعجبت فيها ولكن شعرت بأن التدوينة ستكون مملة ! التنوع كان باختلاف الخلفية المجتمعية والتعليمية للشخصيات من ناس بسيطة إلى أساتذة تاريخ و فلسفة , صديق هندوسي و آخر قبطي , الجيل القديم من الدراويش و الجيل الحالي , و فكرة أن تكون ابن\ـة أم أسيرة للخرافات والنذور و بركات الصالحين, التنوع كان محود جداً لأن أسلوب كل شخصية منهم أظهر تنوعها و الاختلاف بينهم والتعايش .
حتى الحديث عن الطعام كان لذيذ في الرواية حتى إنني وجدت نفسي فجأة وقد فتحت تطبيق ” طلبات ” لأبحث عن أطباق الكشري والبرياني في الوقت نفسه !
بنهاية الرواية وددت لو أزور القاهرة والاسكندرية قريباً وأتتبع مسير شخصيات الرواية بين الأزقة والمساجد , ستكون حتماً زيارة ثقافية مختلفة وثرية.
الظريف إنني أذكر في زيارتي لمصر – كان عمري حينها 14 عام – حين تبادلت الحديث مع سائق التاكسي فأخبرته عن ملاحظتي للتشابه بين مصر والهند, واليوم بعد 17 عام أجد حوار مشابه جداً بين محسن بطل الرواية المصري وسائق التاكسي الهندي في الهند عن هذا التشابه بين مصر والهند .
رواية جميلة , سلسة , مثرية , أنصح بقراءتها , أتمنى لكم قراءة سعيدة.
نلقاكم على خير قريباً
No Comment! Be the first one.