أسعد الله أوقاتكم بكل خير
كتب رائد العيد يوماً على تويتر و قال :
الحب ليس فرحة مشاركة اللحظات السعيدة، بل هو انعدام الخوف من مشاركة الضعف واللحظات السيئة،
أرسل علي شريعتي إلى زوجته بوران: “أنتِ الوحيدة التي لو اطّلعت على ضَعفي لمَا كانَ ذلك ثقيلًا عليّ”.
ذكرني هذا في تعريف د.ياسر الدباغ لما أطلق عليه بالتعرضيةً و قال :
“كلمة (التعرضية) تبدو لي مطابقة لاستخدامات (vulnerability) في علم النفس وفي كل المجالات الأخرى،
ومعناها قابلية التعرض لعارض ما، ويمكن فهمها بأنها مكمن ضعف أو مطعن أو مثلب أو عيب.
ولكن في العلاقات الشخصية، قدرة الفرد على استئمان الآخر على “تعرضياته” وحماية تعرضيات الآخر علامة عمق العلاقة،
وهي لدى الكثير من الباحثين حقيقة معنى الحب ونتيجة وجود الثقة، وتنبني على هذه الدرجة من الثقة أساسات
العلاقة العلاجية في العلاج النفسي.
وقدرة الإنسان على البوح بتعرضياته من مستلزمات بناء علاقة مبنية على الثقة.
لذلك، فهم الكلمة بمعاني إيجابية في هذا الإطار.”
مؤخرًا أصبحت أقدر هذه الفكرة بشكل كبير ، أن نكون كما نحن أمام من نحب ، بلا أي ادعاء أو زيف ،
أن لا نحمل عبء و هم فقداننا للحب ما لو أظهرنا للمحب ضعفنا و عيوبنا
أن نثق في الآخر و في الصلة التي بيننا فلا تكون هشة أمام حقيقة ذواتنا أو متقلبات و ظروف الحياة التي نواجهها ،
أن يكون هذا التكشف و الشفافية و الاستئمان على تعرضياتنا هو من معاني الحب و نتاج للثقة.
أعتقد أن هذا هو أحد أهم أسباب تميز علاقات الصداقة المقربة لأن الصديق المقرب هو غالبًا من يشهد نقاط ضعفنا و لحظات توترنا و مخاوفنا ، هو أول شخص من خارج العلاقات العائلية الذي يقبل برفقتنا كما نحن ويختار أن يستمر بها ، كما أن مرحلة الدراسة هي المرحلة التي نفصح بها عن مشاعرنا أكثر و نعاني من تقلبات مزاجية عديدة و نحاول فهم أنفسنا والآخرين ، نتواصل مع ذاك الصديق الذي قد يكون زميل أو جار في موقف ضعف بعض الشيء ونفصح عما نمر به ثم ندرك أن تلك اللحظات كانت بداية العلاقة الوطيدة بيننا ، هذا الموقف أو المشهد يصعب حدوثه بعد المرحلة الجامعية كما أظن لأننا في ذاك العمر – ما بعد الجامعة – يمنعنا نضجنا أن نتحدث عن مثل هذه الأمور أو نكشف عن هذه المثالب ، تصبح علاقتنا عادية وتحتاج وقت طويل جدًا حتى تتوطد و نكتسب صديق جديد تصل ثقتنا فيه إلى درجة استئماننا له على “تعرضياتنا” كما قال د.ياسر الدباغ ، إضافةً على ما سبق فالمرء منا حين يتحدث في تلك اللحظات والأوقات تكون للمشاركة فقط لا رغبة في حلول أو في أي تغيير والطرف الثاني ينصت و لا يحكم أو يعير أو يبتز عاطفيًا في أقرب فرصة تسنح له ، اذا تحقق ذلك عندها نستطيع رسميًا أن نطلق عليها علاقة صحية برأيي.
أنا فعلاً هويت فكرة مفهوم vulnerability والذي ترجم لكلمات عديدة منها التعرضية كما ذكرنا سابقًا و كذلك ترجمت إلى كلمات أخرى مثل : الهشاشة ، قابلية الاصابة ، التجرد ،سرعة التأثر و الانكشاف … تعددت المسميات و احترنا بها لكن المفهوم بحد ذاته أراه قيمًا وأساسيًا في العلاقات الصحية، ولا تنسى بأن هذا الأمر هو ذو اتجاهين احفظ للآخرين ما ترغب منهم أن يحفظوه لك .
طابت أوقاتكم بكل خير
No Comment! Be the first one.