قرأت اليوم عبارة تقول : “تذكر ، هذا الحاضر البائس والحزين، سيصبح قريبًا ماضيًا و ستحن إليه.”
هل من الممكن أن نشعر بالحنين للأيام الحزينة البائسة الصعبة ؟ ما السبب ؟ هل بسبب الوحدة في الشيخوخة قد نشعر بالحنين لكل شيء في الماضي حتى الحزين منها ؟ هل بسبب الوحدة والخواء في أيامنا نشعر بالحنين لتلك الأيام الثقيلة الصعبة ؟
مؤخرًا كنت أفكر كثيرًا بصعوبة أن يُكتب لي عمر مديد في هذه الدنيا مما يعني المزيد من الأوقات الصعبة! عمري الآن ثلاثون عامًا وتقريباً اذكر نصفها فقط ولكن لو كان أمامي ثلاثين عامًا غيرهم يعني ذلك أنني سأكون واعية ومتفاعلة مع كل يوم منهم و ذلك مما يرعبني أحيانًا ، أتوق أحيانًا لأن تنتهي حياتي في وقت قريب حين أشعر بأنني اكتفيت من هم و صعوبة الدنيا ، وأشعر بالهم والغم حين أفكر أن قد يكون لي عمرًا مديدًا مما يعني المزيد من اللحظات الصعبة، بالطبع أؤمن أن هناك أيامًا مليئة بالفرح والمسرات كما هو الحال في حاضري و ماضيي فالحياة ما بين فرح و ترح طوال الوقت ، دائمًا ما أردد عبارة “دوام الحال من المحال” لا يغتر المرء بفرح دائم ولا يغتم ويظن بهم دائم، أكره أن أفكر أحيانًا بأمر مستقبلي بعيد ولكن قيل لي عدة مرات دروس في الحياة عن أهمية بعد النظر و الأهداف المستقبلية و خطط للعشرين عام القادمة و عما سيكون حالي عليه في سن الستين والسبعين ، قيل لي بأنني لا أحمل هم المستقبل بما يكفي لأعمل جاهدة اليوم من أجله ،
أنا أعمل جاهدة كل يوم بيومه في سبيل جودة أيامي وحياتي ولكنني لا أخطط خطط طويلة المدى، أوضح خطة وضعتها يومًا أمام عيني كانت حين قررت في الصف التاسع أن يكون مجال تخصصي في الجامعة هو التصميم الجرافيك و بسبب هذا الهدف دخلت للقسم العلمي و اختبرت خمس مرات في امتحانات القدرات ثم تتغير الخطة في الأسبوع الأخير من امتحانات الصف الثاني عشر إلى كلية الشريعة ، وحينها عندما قررت ذاك القرار صاحبه خطة أن تكون وظيفتي هي مرشد ديني في إحدى إدارات وزارة الأوقاف و تحديدًا أن يكون مكتبي بجوار موظفة في الإدارة وصديقة عزيزة عرفتها ذاك الوقت ، اختيار الكلية واختيار التخصص ذلك اليوم كان بناء على الخطة الجديدة بأن تكون هذه الوظيفة هي وظيفتي في الحياة و بالفعل تخرجت و كان مكتبي بجوار صديقتي “نجلاء” كما كان الهدف وكانت الخطة ، و بعد ثلاث سنوات إلا شهر تحديدًا قدمت استقالتي من تلك الوظيفة و الإدارة.
إلى اليوم أنا فخورة بنفسي تلك التي كانت في عمر الثامنة عشر وكانت جادة فيما تخططه لحياتها بل وأتعجب أحيانًا حين أفكر بأن كل هذه الخطط والقرارات كانت ترجع لي وحدي تمامًا وعملت فعلاً على تحقيقها و تحققت.
ولكن لم تجري الأحوال كما تخيلت و خططت ، تغيرت و طرأت أمور اضطرتني للتخلي عن حلم “تخصص الجرافيك” و استحالة الاستمرارية في وظيفة أحلامي، حلم التخصص استبدل بتخصص أروع بمراحل و وظيفة أحلامي تبدلت لوظيفة لم أحلم بها .
أقدار الرحمن أجمل من خططي و أوسع بالطبع من حدود أحلامي ، لماذا أرهق نفسي إذًا بالتفكير والتخطيط ؟
الأهم هو الأمور الصغيرة لكل يوم التي تشكل عمري في النهاية.
لا يُكلف الله نفسًا إلا وسعها هذا أيضًا مما أفكر فيه كل يوم، مثلما ذكرت سابقًا أشعر بالهم والحزن لفكرة أن يمد الله في عمري وقتًا طويلًا مما يعني كم هائل من الأوقات الصعبة وأتمنى لو أودع الحياة باكرًا وأكتفي بنصيبي الذي حصلت عليه و لكن أذكر نفسي أن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها وهذا يشمل المقدرة على مواجهة هذه الأيام ، كما قدرني فيما سبق و سخر لي ما يعينني و يسندني في مواجهة أمور الدنيا، أصبحت أتسلح بهذا الدعاء ” اللهم أحيني إذا كانت الحياة خيراً لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي” وأطوي صفحة التفكير في الموت وما إن كان عاجلاً أو آجلاً فالله أعلم و أرحم .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
No Comment! Be the first one.