صباح الخير … صباح العيد
منذ عدة أيام وأنا أشعر بالحاجة الشديدة للكتابة ، لتفريغ الأفكار التي يضج بها ذهني ، بعض هذه الأفكار هو من النوع السلبي والكئيب و الرغبة شديدة لكتابتها أو النطق بها لعل ذهني يهدأ من ضجيجها ، ولكن بما أن اليوم عيد قررت تغيير الخطة للكتابة عن أهم الذكريات والمشاهدات المتعلقة بالعيد والمحفورة في ذاكرتي ، هل يهم فعلاً الكتابة والحديث عن تلك الذكريات ؟ أعتقد بأنها مهمة بالنسبة لي خصيصًا ويرجع ذلك لضعف ذاكرتي، كنت أعتقد أن ضعفها يتعلق فقط بذكريات طفولتي التي قد تُحصر بعشرة مواقف فقط ! ولكنني اكتشفت أن ذكرياتي قليلة حتى عن المراحل اللاحقة في حياتي ، أخشى حين أصل لوقت الشيخوخة ألا يكون لدي ما استرجعه أبدًا و أتسلى بذكراه حين أكون وحدي و يبدو إنني قد لا أكون تلك الجدة التي تحكي حكايات و قصص و مواقف من الماضي السحيق للأحفاد ! لنأمل ألا ينتهي بي الحال كما ذكرت و أن تقوى ذاكرتي وتحتفظ بما يهم و ما هو جميل و أول أدوات الإعانة هي بالتدوين والكتابة ، ذكرت بهذه اللحظة فيلم The Notebook الشهير ، بعد هذه المقدمة والمخاوف ابدأ أول ذكريات العيد ، دائمًا ما كنا نشتري حقيبة العيد ثم ننسق معها فستان العيد حسب لون الحقيبة ! وأعتقد بأن هذا السلوك أصبح له شكل آخر بحياتي وذلك حين غيرت أثاث غرفتي واخترت ألوان غرفتي الجديدة حسب ألوان غطاء سرير أعجبني واشتريته !
أذكر بأن العيد كان يعني الذهاب لكثير من البيوت طوال النهار من بعد صلاة العيد أهل أمي و أبي و جيران أمي في طفولتها و بعض الأقارب الذي في كل عيد أتعلم من جديد بأنهم أقاربنا و خوالي بالرضاعة ! ما زلت أذكر كيف كان يأسرني منظر نبات المشموم في حوش جيران طفولة أمي في العديلية ، ارتبط المشموم في ذلك البيت لهذا اليوم ، في صغري كان يصعب علي أحيانًا فهم العلاقات الأسرية والنسب والقرابة ، وكانت تتكرر الإجابة كل عام جد أبناء عمك من جهة الأم هو ابن خالي و أخي بالرضاعة ! في عمرٍ ما حين كبرنا بعض الشيء قررت أمي أن تزيد مبلغ عيديتي أنا وأخي حتى لا يقل مجموع مبلغ العيادي في كل عيد بعد أن قلت زيارات العيد المعتادة ، من المشاهد التي ما زلت أحبها هو رؤية عموم الناس بأناقة و “كشخة“ العيد و هم يتنقلون مثلنا من بيت لبيت خصوصًا العوائل الصغيرة حين أراهم يركبون معًا في سيارة واحدة بكامل أناقتهم وبين مراهق متورط في غترته و طفل غلبه النعاس والنوم وهو في كامل أناقته وبنت صغيرة تعاني بإصرار أن تنتعل كعب عالي يليق بحقيبتها الصغيرة ، هذا المشهد أحبه ولا أكتفي منه أبدًا، من عاداتنا في طفولتي كان الغداء في مطعم تشيليز الواجهة البحرية ثم التسوق في سوق شرق و بمثل تلك الأيام في عمر العشر سنوات وضعت أمي أمام الأمر الواقع ودخلت محل الهواتف واشتريت هاتف جوال لأول مرة في حياتي وأقنعت أمي بحاجته لو ضعنا في داخل مجمع مثلاً ! رضخت و وقعت واشتريته من عيادي العيد ، من المواقف التي لم يخلو عيد منها هو تلك اللحظة حين أركب السيارة بعد الانتهاء من “زوارة“ غداء ثالث يوم العيد وأبدأ في البكاء لأن بنات خالاتي الأكبر مني حجزوا سينما وذهبوا و لم يدعوني معهم!
وما زلت بعد كل هذه السنوات تلك “الشلة“ من بنات خالاتي لم أكبر بعد كفاية حتى انضم لهم بشكل دائم !
لا أعلم ما سر جاذبية رفقة الكبار و أن نكون جزء منهم و ننتمي لفئتهم ! ربما بذرة هذه الجاذبية تبدأ من لبس الكعب في الصغر!
و الكبار بالمقابل يغبطوا الصغار على عفويتهم و حياتهم الخالية من المسؤولية! أعتقد أن مهارة أو فكرة عيش اللحظة و العيش بما يتناسب مع كل مرحلة عمرية هو امرٌ عظيم يخفف على المرء حسرات النظر للماضي الذي لم يعيشه كما ينبغي و من هم الاستعجال سريعًا في مضي العمر حتى يكبر المرء.
كما قلت في أول تدوينتي ذاكرتي ضعيفة و ذكريات لا تتعدى بضعة ذكريات .. ربما أختم بذكرى أصبحت نوعًا ما من العادات والتقاليد .. حين نزور خالتي ضحى أول يوم عيد فتأتي إلينا من غرفتها حيث غالبًا زيارتنا توقظها من النوم ، تسألها أمي متعجبة لماذا أنتِ نائمة ؟ يكون الرد في كل عيد : لم يعد هناك من نعايده مثل السنوات السابقة لم يعد هناك إلا بيتين ، بيت أختي بعد صلاة العيد ذهبت إليهم وأهل زوجي نجتمع بهم بعد العشاء أما ما بينهما من بيوت و زيارات كنا نبارك لهم بالعيد فقد توفاهم الله جميعًا ثم تبدأ بتعداد الخالات والخوال والعمات و الأعمام الذين توفوا، عسى ربي يرحمهم جميعًا ويجمعنا بهم في أعلى الجنان مع من نحب و نستذكر أعيادنا في الدنيا .. أعتقد أن غالبًا في الجنة أو مؤكدًا ستكون ذاكرتي أدق وأفضل ، حتمًا هذه ستكون من أمنياتي في الجنة
نلقاكم على خير بإذن الله و أسعد الله أعيادكم و أوقاتكم
بكل خير
No Comment! Be the first one.