السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعد الله أوقاتكم بكل خير
حديثي اليوم عن رواية “مكتبة ساحة الأعشاب” للكاتب إيريك دو كيرميل من المركز الثقافي العربي
وترجمة مصطفى الورياغلي
بالبدء أخبركم بظروف قراءة هذه الرواية حيث كنت منزعجة ومتضايقة و متألمة بعد قراءة كتاب “رسالة إلى الجنرال فرانكو” ألم شديد لما احتوته الرسالة إلى الديكتاتور فرانكو و ما أحدث في أسبانيا , وفي تلك اللحظة عبرت عن مشاعري في روم على كلوب هاوس مع محبي القراءة و بعد ساعة اقترحت كلاً من مي العنقري و مديحة أن اقرأ مكتبة ساحة الأعشاب و ذكرت بأنها في مكتبتي ,ركضت وبدأت قراءتها بكل سعادة لأنني كنت متأكدة إن هذا النوع من الروايات يمكن أن يبهج مزاجي خاصةً وأنا ساعة فقط تفصلني عن إفطار مع صديقتي الغالية ولا أود الذهاب بمزاج متعكر , وخير ما اخترت فقد قضيت أسبوع مع هذه الرواية والتي كانت بلسم بالنسبة لي لما فيها من أجواء جميلة و حديث رائع عن الكتب , حيث تحكي عن نتالي أستاذة الجامعة التي تقرر شراء مكتبة ساحة الأعشاب في بلدة صغيرة جميلة و تتناول في كل فصل أحداث تصادفها مع زبائن المكتبة والذي يتفاوتون بالعمر و الثقافة والنشأة, منهم من لا يقرأ الفرنسية و منهم من يحب القراءة عن البلاد التي يزورها قبل زيارتها , شخصية تكتشف ذوقها الخاص في القراءة بينما شخصية أخرى تكون كأنها توأم روح نتالي حيث تتطابق تفضيلاتهم معاً , كمية جمال رائعة تحتويها الرواية, الناشر في الغلاف الخلفي قال عبارة عن الكاتب ” أنه إنسان يكرس كلماته لخدمة الطبيعة والإنسان , ويناضل من أجل عالم ألطف وأكرم لساكنيه” حسناً أنا أؤكد من ناحيتي أنه بالفعل جعله عالم ألطف و أكرم بالنسبة لي بصفتي أحد ساكني هذا الكوكب!
أحببت الترجمة وكانت فيها بعض الكلمات التي أثارت اهتمامي و دونتها
معلم صفحات = فاصل كتاب = BookMark
صندوق الأداء = صندوق المحاسبة أو الكاشير
بعد أن شيعت شاك = بعد أن ودعته
أكتري = استأجر
حذاء فارس = Boot
والآن أفضل بمثل هذه الروايات أن أشارككم الاقتباسات التي قد تجدونها كثيرة ولكنها حتماً رائعة ومعبرة و تلامسني شخصياً.
“وعلى الرغم من أن العلاقة مع أصدقاء الطفولة غنية بتاريخ طویل مشترك، فإن الصداقات المتأخرة ليست مثقلة بالماضي،
وتتطور بتمكين كل واحد من أن يظهر حقيقته وهو في مرحلة النضج،
مع ما اكتسبه من تجارب في مسيرته، التي قد تكون عرفت محطات أليمة تم ركنها في الماضي.”
“- ما معنى رواية؟
– کتاب نابع من خيال مؤلفه. ليس قصة حقيقية!
– لیست مهمة إذا.
– بلی، لأنها في الغالب، إذا ما كانت مكتوبة جيدة، فإنها تكون
أشد وقعة من القصص الحقيقية. إنها تسمح للقارئ بأن يتماهي مع
الأبطال الذين يكتشفهم. يغادر وضعه، مدة قراءة رواية، ليعيش بالنيابة
وضع إنسان آخر.”
و تحكي عن أبيها قائلة :
“عندما قررت شراء المكتبة، فإن تفكيري بالتأكيد كان ينصرف إليه
أكثر من غيره. فقد كانت أجمل أحاديثنا تنبع من قراءة مشتركة.
((خذي، ناتون ، هذا سيعجبك!)) .
كان نادرا ما يخطئ، وعندما كنت أفرغ من قراءة الكتاب، كان في إمكاننا أن نقضي عشاءً کاملاً نعيش من جديد مع شخصيات
الحكاية التي أتينا على قراءتها، نندهش من رد فعل إحداها، أو نتعرف على ذاتنا في تصرف أخرى، أو نتحدث عن عبارة معينة، أو نبدي حماسنا أمام إبداع كاتب في مشهد رائع”
من أحلام القراء التي تتضمن السفر :
“لا شيء أفضل من رياض في مدينة فاس العتيقة لقراءة حكایات ألف ليلة وليلة، أو شرفة مقهى في نيويورك لنعيش في انسجام مع شخصیات بول أوستر .
قد أكتب دليل سفر يقوم على اقترانات بین كُتاب ومدن فحسب:
بیسوا ولشبونة، سيرفانتیس ومدريد، موراکامي وطوكيو، ستندال وروما، ویلیام بوید ولندن… ومن أجل ذلك سيتوجب علي أن أسافر إلى كل واحدة من تلك المدن، وأن أجد بالتدقيق الكتاب المناسب لأوصي به والمكان الأنسب لقراءته!
هذا مشروع جميل يمكن أن أعرضه على ناثان عندما سيحال على المعاش. سيحمل هو الأمتعة، ويحجز الفنادق، ويختار المطاعم، وأنا سأقرأ في الصباح وأكتب في المساء، أو العكس… “
” أحب الكتاب الذين يعرفون كيف يمنحون روائح لحكاياتهم،
أولئك الذين تستطيع کلمائهم أن تلامس بشرتي أو أن تنزل فوقها بكل ثقلها.
وهكذا أحسست أني كنت وسط دمار بيروت عند قراءتي
کتاب سورج شالندون ، السور الرابع.
كنت قد خرجت من تلك الصفحات مجروحة مثل امرأة في قلب الحرب اللبنانية .
تمرين جميل هو البحث عن اللون المهيمن في كتاب، ورائحته، وصوته…”
“الكتب فرص حقيقية ليجرب المرء رغباته الذاتية بمواجهة مسارات حياة في إطار سير ذاتية أو روایات تخييلية. هذا مهم بالنسبة إلى ولد في فترة يتوجب عليه أن يقوم باختيارات ستلزمه في بقية حياته عندما يكبر.”
“في الغالب تكون الكتب التي نقرأها كاملة على الرغم من أننا لا نحبها هي التي تحيلنا إلى جوانبنا السوداء الشخصية.”
“عندما نتحدث عن کتاب، فنحن لا نتحدث عما قرأنا فحسب، بل عن أنفسنا كذلك.
وهذا ينطبق أولا على الكاتب. فحتى التخييل الأكثر إغراق في
الخيال إنما يحكي شيئا عن مؤلفه، لكن بعد ذلك يقع تداخل بين
حکایته وحكايتنا.”
“أقول لنفسي إن الأمر لا يحتاج في بعضالأحيان سوى القليل، بعض الكتب فحسب،
لتستعيد الحياة ألوانها التي كانت قد فقدتها.”
“يمنح النقد الجيد الرغبة في القراءة،
حتى الكتاب الذي يتناول مجالا لم يسبق لنا أن اقتربنا منه .”
“إن ما يتهدد الزوجين هو أن يحتفظ الواحد منهما بصورة صاحبه أو صاحبته جامدة كما كانت في الأصل عند التقائهما.
فذلك قد يكون، من جهة، مصدر اطمئنان لاعتبار الشريك كائنًا ثابتًا، سواء في مساوئه أو في خصاله الأبدية.
لكنه من جهة أخرى، لا يلقي بالًا إلى ما يبذله كل واحد من جهد ليتغير، ولا إلى كل ما تحدثه الحياة من تكيفٍ إما مفروض، أو مختارٍ عن طيب خاطر.”
“وقد يحدث، حقيقة، أن نفقد رفيقة، ليس لأنه قد تغير، ولكن لأنه لم يتغير بينما نحن في ذواتنا قد صرنا آخرين.”
“إذا كنا لا نعيش الحاضر، فإننا لا نعيش سوى ذكرياتنا و انتظاراتنا، تتهددنا الكآبة والإحباط.”
“عشتُ مدة طويلة لا يحركني سوى انتظار ما سيحدث .
العشاء مع أصدقاء الغد، عطلة نهاية الأسبوع المقبلة حيث يمكننا أن نذهب إلى كروزون، الرحلة المدرسية إلى فيينا التي کنت أنظمها لفائدة تلاميذ القسم النهائي، اليوم الذي سيكون لي طفل، واليوم الذي سيتعلم فيه الطفل المشي… إلخ.
وعندما كان يأزفُ الحدث المنتظر، تافهًا أو مهمًا، كنت لا أعيشُهُ، وكان يطرُدُه المشروع اللاحق.”
“الإبطاء هو بداية الحركة. الإقامة في الزمن بدل الجري خلفه.
أن تكون لشيء بالكامل أفضل من أن تكون لأشياء كثيرة بشكل غير کامل.”
“یا لروعة منظر الأطفال وهم مستلقون على بطونهم، فوق أسرتهم، يقرأون بدقة وعناية، والأصبع فوق الصفحة، ويرفعون رؤوسهم بفخر عند نهاية كل صفحة، كأنهم بذلك إنما يعتلون في كل مرة قمة إفرست”
“الرابط الذي ينشأ بين قارئين، تجمع بينهما عاطفة الكتاب نفسه. يصير الكتاب عندئذ الوسيط الذي يسمح لنا بأن نعرف الآخر وأن يعرِفنا الآخر بشكل أفضل، وقد عرتنا الكلمات التي اشتركنا في قراءتها.”
في هذه الفقرة تتخيل نتالي إمكانية إنشاء موقع مواعدة خاص في القراء و تقول :
“أعتقد أني لو أنشأت ميتيك (Meetic) من خلال الكتب، سأتمكن حقيقة من أن أنافس منصة الإنترنت الشهيرة. سيكون على كل واحد أن يذكر الكتب العشرين الأخيرة التي قرأها، وثبه العشرة المفضلة، ولكن أيضا تلك التي لم تعجبه، وبذلك سيكون في الإمكان اقتراح أزواج على المستعملين! وبالطبع، لن ينجح الأمر إلا مع قراء!
لاحظ في كثير من الأحيان أننا عندما نكتشف، في محادثة، أن صديقة، أو صديقة يشاركنا أو شاركنا حب الكتاب نفسه، فإن ذلك يضفي على الحوار كثافة جديدة، كأننا قد عشنا معا رحلة استكشافية إلى الطرف الآخر البعيد من العالم.”
“أعتقد أن من أن يعيش المرء وهو يعي الحظ الذي يتمتع به في أفراحه، وفي تعدد الإمكانات المتاحة أمامه، بينما آخرون لا يجدون أمامهم سوى طريق واحد يسلكونه، حفاة أحيانا، وآمال حياتهم جد محدودة تحت ضغط الأمراض، أو المجاعات، أو الحروب التي هي واقع يومي في البلد حيث يعيشون.”
“«إخوة الكتب» عبارة جميلة. فالكتب تنسج في الحقيقة رباطاً غير مرئي بين أولئك الذين قرأوها.”
“لتصير الأمسيات من جديد أوقات لعب، أو حدیث، أو قراءة.
أن نمنح فرصة للفرح، يعني أن نجد الأماكن، والأوقات والناس الذين يمكن أن تولد معهم
ولكن أيضا أن نتعرف عليها وسط البقية .
عندئذ يمكننا أن نغذيها، وأن نتعهدها، وننميها، ونتشاركها.”
أحببت وصفها في هذا المقطع
” – لكن ماذا كنت تود أن تعمل لو لم يكن عليك أن تساعد
والدتك؟
– ممثل. كنت أود أن أصير ممثلاً؟
كان آرثور قد قال ذلك بلهجة من يعلن حبه، وهو يلوح بخصلته
إلى الخلف، وعيناه تلمعان لأول مرة منذ أن عرفته! “
ختامها مسك ، هذه النصيحة الرائعة لكل علاقة ولا تقتصر فقط على الزواج :
“يعتبر أن إنجاح المرء زواجه يتطلب ألا ينسی استعمال ثلاث
کلمات ضرورية: شكرًا ، ومن فضلك و اعتذر.
«شكرا» لكي لا تعتبر أبداً أن سلوكًا لطيفًا من الآخر هو عادة.
و«من فضلك» لكي لا يتحول الالتماس إلى أمر مع تقدم الزمن.
و«اعتذر» لأن الأزواج لا يمكن أن يقضوا سوية حياة كاملة من دون أن يسيء أحدهما إلى الآخر، ويكون حينئذ من الضروري أن نعتذر.”
No Comment! Be the first one.