السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعد الله أوقاتكم بكل خير
مراجعة اليوم لرواية “دفاتر فارهو” للكاتبة العمانية: ليلى عبدالله
يحكي فارهو والذي يدعى فارح ولكن لصعوبة نطق اسمه أصبح اسمه “فارهو” ذو الثلاث وأربعون عاماً عن حياته لكارل مخرج فيلم وثائقي ,”الصبي الصومالي الذي فر مع أمه وأخته من اضطرابات الحرب الأهلية وأزمة المجاعات في وطنه بوصاصو، بمساعدة خالهم
الأثيوبي المقيم في إحدى دول الخليج؛ هو نفسه الصبي الذي يقع ضحية عصابة إفريقية تتاجر بالأعضاء البشرية بزعامة خاله”
نعم صحيح ما قرأته في الفقرة السابقة بين علامات التنصيص, لم يكن هذا حرق أدرجته أنا في تدوينتي ولكن كان هذا جزء من النبذة الذي أدرجته دار النشر في الخلف, ومعلومة عصابة إفريقية تتاجر بالأعضاء التي علمت عنها عزيزي القارئ في الغلاف الخلفي لم يعرفها فارهو إلا في صفحة 179 ! من أصل 222 صفحة , وهذا خطأ فادح أدعو الكاتبة و دار النشر لتغييره لو أمكن في الطبعات القادمة وتفاديه بإصدارات أخرى , عموماً حتى لو كنت تعلم النهاية والقصة يبقى الأهم والأجمل هي الرحلة في ذاتها , الرواية ذاتها من سرد , الفكرة التي تتمحور حولها الرواية هي صعوبة الحياة على هذه الفئة من الناس سواء في أوطانهم أو البؤس الذي هم فيه في دول الاغتراب وتحديداً دول الرفاه في الخليج العربي.
مكان الرواية غالباً هو في دولة الامارات العربية و لكن لم تكتب صراحةً هذه المعلومة, ينتقل القارئ لدول أخرى حسب السياق مثل الصومال وأفغانستان وأثيوبيا وباكستان, زمانها حين كان فارهو في المرحلة المتوسطة تقريباً يبد أنه و ربما في العشر سنوات الأخيرة أي 2008-2016 تقريباً وذلك لأن البسطاء من الناس كانوا يمتلكون هواتف ذكية يشاهدون من خلالها مقاطع الفيديو ونقرأ أيضاً عن تواجد الطلبة السوريين في المدارس.
الحوارات بين فارهو وأهله و أصدقائه كانت تحتوي على عربي “مكسر” مثلما ندعوه بحكم اختلاف الجنسيات التي غالباً تكون اللغة العربية لغة ثانية بالنسبة لهم ولأنهم أطفال ولكن حين ينقل حديث أحد الأطفال عن أسرته و وطنه تكون الأفكار في سرد جميل ولهذا السبب تمنيت لو أن الراوي في الرواية لم يكن فارهو بل ربما الراوي العليم أفضل فحتى لو كان فارهو بعمر 43 يصيغ ذكريات طفولته و يسرد قصص وحكايا أصدقائه لكارل مخرج الفيلم الوثائقي , أعتقد من الصعب عليه أن تكون بهذه الطريقة والصياغة .
الأسلوب والوصف كان جميل حتى إنني شعرت كأنني أرى مشاهد الرواية أمام عيني طوال الوقت وهذا أكثر ما أستلذ به عند قراءة الروايات , وبالطبع بإذن الله دائمًا سأحرص على قراءة أعمال ليلى القادمة.
أشارككم بعض الاقتباسات منها :
”غدت الأسئلة في جوفي كالأسلحة”
”رحتُ أقطع الطريق بحذر، وظلي يحرسني من ورائي حينًا ومن أمامي حينًا آخر”
”لا أعرف كيف خرجتُ من ذلك الباب ، لا أعرف سوى أنني صرت أعرف كل شيء”
“بدا ضوؤها ساطعا في الظلام المتعاظم، ذكرتني أضواؤها بكاميرات الصحفيين حين كانوا يزورون المخيم، يسلطون کامیراتهم
على الوجوه الكالحة والجلود السوداء وهي تبتسم ببلاهة، كانت فلاشات كاميراتهم تخترق جوعنا وعرينا، ونحن نلتم حولهم، كي يمدونا بحياة أفضل، لكنهم كانوا ينبشون بحثاً عن الصورة الأسوأ، أشدها بشاعة وقرفاً، أكثرها جوعًا وعريًا وحرمانًا، ليستعرضوا بؤسنا أمام العالم، هكذا يساعدونا”
“کنتُ ولفيف من الأصدقاء السوريين منهم والمصريين والفلسطينيين
وبعض القمرين نتحدث بلهجة سليمة قراءة وكتابة، أما بعض اليمنيين
والعراقيين، فكان مستواهم القرائي والكتابي یکاد یکون هشًا رغم أنهم
عرب؛ ربما لأن ظروف الحرب التي طالت أجيالاً منهم هي التي قضت على التعليم، ظروف الحرب، اللجوء، العنف، الجوع، والتشرد في أقاصي الأرض. هذه الكلمات التي يعرفها العالم الآخر كمفردات، لكنها عبرتنا بمعانيها الحقيقية، مررنا بها كتجارب عنيفة، شرخت أرواحنا الهزيلة!”
أترقب قراءة المزيد من إبداعات ليلى
نلقاكم على خير ودمتم سالمين
No Comment! Be the first one.