السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مساكم/صبحكم الله بالخير ✨
نظراً للأحوال التي يمر بها العالم أجمع وليس فقط الكويت .. فإننا و منذ تقريباً ٢٤–فبراير نعيش بنوع من الحجر المنزلي و التباعد الاجتماعي و بالأمس بدأنا بالحظر الجزئي نسأل الله السلامة لأحبائنا و لأوطاننا و البشرية أجمع منهذا الوباء
طرحت سؤالاً في تويتر عن اقتراح رواية طويلة تليق بهذه الأيام بشرط أن تكون متوفرة في مكتبتي و كانت الخيارات :
بين اليأس والأمل – الرمز المفقود – إما – الأرض المنخفضة – الساعة الخامسة والعشرون – الفتى المتيم و المعلم
فكانت الترشيحات من صالح “الساعة الخامسة والعشرون ” للكاتب الروماني قسطنطين جورجيو
الرواية اقتنيتها من جناح دار ميسكلياني في معرض جدة للكتاب و أذكر بأن الأخ الكريم أوصاني بها وذكر أن هناك منلم يتوقف عن قراءتها حتى انتهى منها
بصراحة حين بدأت قراءتها وددت لو أنهيها خلال ٢٤ ساعة ولكن انتهيت منها في ٧٢ ساعة 😆
الرواية تقع في ٤٩٦ صفحة تتحدث عن “ايوهان مورتيز” شاب روماني يجد نفسه مكبلاً بالأصفاد و مُصادراً كما تُصادر العربات والبضائع متوجهاً إلى معسكر يضطهد اليهود فيُقسم لهم و يوضح بأنه ليس بيهودي –رغم اسمه اليهودي– وتتوالي الأحداث بعدها لمدة ١٣ عاماً خلال الحرب العالمية الثانية متنقلاً من رومانيا إلى هنغاريا إلى ألمانيا ! حتى تصل إلى لحظة لا تعلم ما هي هويته ولا جنسيته ولا إلى أين وماذا ينتمي ولا حتى ما هو اسمه!؟
الرواية تحتوي على الكثير من الشخصيات الرئيسية والفرعية والتي تلعب أدواراً هامة ومصيرية في سير خط الحكاية وحبكاتها ، ممتعة و أسلوب جميل حتى تظن بأنك تشاهد فيلماً سينمائياً حاصل على جوائز الأوسكار من حيث التأليف ، التمثيل، الموسيقى التصويرية و الاخراج
من أهم الشخصيات والتي قد تمثل الكاتب نفسه هي شخصية الروائي تريان كوروغا والذي على لسانه تكون أكثر الأفكار المحورية للرواية مثل الفكرة الرئيسية وهي استبدال الإنسان بالآلة والتقنية واعتبار الانسان مجرد رقم ضمن إحصائيات يؤدي وظيفةً ما ربما بشكل مؤقت حتى يستبدل عاجلاً أو آجلاً في آلة جديدة
تماماً كما نتحدث نحن اليوم في عام ٢٠٢٠ عن الذكاء الصناعي والروبوتات و استبدال الانسان بهم !
وحين أمر على تلك الأفكار عن الفروقات بين الآلة والانسان و أهمية الانسان ! أتفهم تماماً سبب ورود رواية “الساعةالخامسة والعشرون” في توصيات القُراء على تويتر تحت تصنيف (( روايات تناسب الأوضاع العالمية الحالية ))
لأن الإنسان رقم و ليس فرد !
لا أود أن أطيل أكثر لأنني سأسهب باقتباسات أو لنقل مقتطفات ذات أفكار مثيرة للانتباه تضمنتها الرواية
((تساءل الكاهن:
«هل أنا آسف حقا لعدم ذهابي إلى أمريكا منذ ثلاثين عاما؟ وإذا كنت غير آسف، فلم هذه الحمى الغريبة التي أشعر بها اليوم لذهاب موريتز
» تدثر واسترسل في تفكيره: «إنه ليس الأسف
للبقاء بل إنه الحنين إلى شيء نعتقد في صحته في خيالنا، شيء لن نمتلكه أبدا.
وإذا بلغناه، فإننا سرعان ما نجد أنه لم يكن هو موضوع أحلامنا.
لعل أمريكا لم تكن هدفي المنشود. لعلها كانت حجة اكتئابي. إن أمريكا ليست إلا اختراعا لفقه حنيننا. وقد يكون عدم رؤيتها أقل خيبة لآمالنا مما لو شاهدناها حقيقة»))
(( استرسل تريان :
سوف أدون كل ما سيحدث لهؤلاء الأشخاص، خلال أعوام مقبلة. أعتقد أن أموراً خارقة ستقع، وأن المستقبل القريب يخفي لكل منا أشياء غير معهودة، أشياء لم نر مثلها في التاريخ.
قال وكيل النيابة:
– إذا كان المستقبل ينبئ بنهايات مأساوية، فإنني آمل ألا يكون إلا في روايتك.
فأجاب تريان :
إن الأحداث المأساوية ستقع أولاً على مسرح الحياة ثم أنقلها إلى روايتي ))
(( المجتمع التقني يستطيع ابتداع رفاهية.
(( لكنه لا يستطيع خلق الفكر. ومن دون الفكر، لا توجد العبقرية. ومجتمع محروم من رجال عباقرة مجتمع محكوم عليه بالفناء.
(( وكان وقع خطى الجندي وراءه يرتفع حدة ، بينما لزم كل شيء حوله الصمت . لقد تحول كل شيء إلى سكون يمزقهوقع الخطى الرتيب ))
(( لقد اختفت حضارتنا يا لوسيان. لقد كانت تحوي على ثلاث ميزات:
كانت تحب وتحترم الجمال وهي عادة أخذت عن اليونان. وتحب وتحترم الحق وهي عادة أخذت عن الرومان. وتحب وتحترم الإنسان وهي عادة اتخذت بعد صعوبات جمة عن الدين. إن حضارتنا الغربية لم تبلغ الشأن الذي بلغته إلا باحترامها هذه الرموز الثلاثة،هذه الأقانيم: الإنسان الجمال والحق. والآن فإن حضارتنا تخسر أثمن جزء في ميراثها وأعني حب الإنسان واحترامه. إن الحضارة الغربية لا وجود لها إذا ذهب منها ذلك الحب وذلك الاحترام للإنسان. إنها تموت.))
(( الغرب ينظر إلى الإنسان بعيني التقنية أما الإنسان المخلوق من لحم و عظم ، القادر على الشعور بالفرح والألم فإنه غير موجود ))
((أنا كاتب. وفي نظري أن الكاتب نوع من المروضين فهو حين يبرز الجمال للبشر وأقصد الحقيقة إنما يُرهف شعورهم ))
(( إنها جريمة كبرى أن يقوم المرء بعمل عادل تنفيذاً لغاية غير عادلة ))
(( إن الكائن البشري يخسر وجوده منذ أن يصبح تعطشه للحرية والعدالة رمزاً لجنونه ))
(( هناك بعض الميتات التي لا تخلف وراءها جثثاً ، فالحضارات مثلاً تموت ولا يبقى منها جثث ، وكذلك الأديان إذا ماتت الأوطان ))
((يستطيع المدقق في خطوات تریان کوروغا أن يقرأ فيها، في تلك الخطوات على الرمال، تلك الخطوات المتجهة إلى الأسلاك الشائكة والحراس، حزناً عميقاً. لكنه حزن مكبوت ومكتوم. إنه حزن بني الإنسان الذين يغادرون بيوتهم ويمضون بعيدا عنها. إنه ألم البحارة عندما تشق السفينة عباب البحرين الخضم مبتعدة عن شاطئ الوطن.))
(( قالت أليونورا وست:
– لا أحد من الناس متحمس. إنهم فقط يبدون لعينيك متحمسين
– أليس كل هؤلاء متطوعين ضد الشيوعية؟
فأجابت أليونورا وست:
– بلى. ضد الشيوعية. ولكن هذا كل شيء ومعنى هذا أنهم يريدون
العيش في حرية وسلام، والخلاص من جو الذعر والإرهاب. إنهم يريدون النجاة من التقتيل والتعذيب والتشريد والتجويع
إن حماسهم ليس سياسياً.
إنه موقف البشر حيال الجريمة والذعر والعبودية.))
(( إن المجتمع التقني يجهل الإنسان ، إنه لا يعرفه إلا من خلال شكله المجرد كمواطن ، وبما إن هذا المجتمع لا يعرف الإنسان ، فكيف يثور من أجله ؟))
هذا مقتطف طويل بعض الشيء ولكنني لم أستطع تجاوزه
(( قال تريان:
– لا تخف يا موريتز. إن كل ما أريده منك هو أن تحتفظ بنظارتي، لأنني لن أستعملها بعد اليوم، ولأنني لا أريد كذلك أن تقعا في أيد غريبة.
لقد تطلعت بفضلهما إلى عديد من الأشياء في حياتي، فهل تفهم لم أعتز بهما وأحبهما؟
لقد نظرت من خلالهما إلى زوجتي اول مرة، وشهدت عبرهما ألف ألف فتاة جميلة، وتأملت بواسطتهما اللوحات والتماثيل ومعروضات المتاحف والمدن… لقد نظرت إلى السماء والبحر والجبال وقرأت بواسطتهما في الليالي الطويلة مئات ومئات من الكتب. لقد رأيت أبي يموت عبر هذه النظارات، ورأيتك أنت وكل أصدقائي بواسطتهما، وشهدت أوروباتنهار والرجال يموتون جوعاً ويسجنون، ويعذبون، وتنطفئ شعلة الحياة في نفوسهم في معسكرات الاعتقال.
لقد شاهدت بهذه النظارات قديسين ورجالاً ومجانين.
لقد شاهدت بهذه النظارات قديسين ورجالاً ومجانين.
وبهما شاهدت قارة بأكملها، بما عليها من رجال وقوانین ومعتقدات
وآمال، تموت – دون أن تعرف أنها تموت – سجينة في المعسكرات، حبيسة
القوانين الآلية في ظل مجتمع نكص حتى بلغ الوحشية البربرية.))
إلى أن يصل فيقول
(( إنها لسخرية مُرة أن تكون نظارتاي الشيء الوحيد الذي لم يصادر مني خلال التحريات. وهذا يدلل بوضوح على الشيء الوحيد الذي يسمح لي به. لقد فكرت أحيانا بأن الجنود كانوا كرماء إذ تركوا لي نظارتي. لكنني الآن متأكد من أنه لم يكن كرماً منهم بل وحشية وقسوة، لأنهم لم يحشروني فقط في دور المتفرج، بل دلوني على ما يجب ان اری:
المعسكرات. ولا يجوز لي أن أرى شيئاً آخر غير المعسكرات ودور المجانين
والسجون والجنود ومئات المئات من كيلومترات الأسلاك الشائكة. ولهذا
السبب، لم أعد أريد نظارتي .))
عشت مع الرواية لحظات من التعاطف ، الألم ، البسمة في خضم معاناة و فرحةٌ هنا وهناك .. وحتماً الكثير من الإثارة .
أنصح بقراءتها واقتنائها والأهم قراءتها في وقت مناسب وعلى مهل للاستمتاع بها .. فمنذ انتهائي منها لست بقادرة على تجاوزها والبدء بأي كتاب جديد بعد .
No Comment! Be the first one.