السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
تحمست يوم الأربعاء الماضي عندما قرأت عن إصدار دار شفق لرواية المنبوذ
غريب كيف نبذة عن رواية بـ٢٨٠ حرف تشعل حماسي لطلبها و والبدء بها قبل إنهاء الكتاب الحالي
ولله الحمد والمنة لم يكن ذلك (مقلب) كما يحدث أحياناً وتعلمنا من قبل … وعموماً لم يكن هناك احتمال أو شك في تصوري بأن تكون الرواية ليست بالمستوى المطلوب أو عادية و يرجع ذلك لثقتي في دار شفق
الرواية رااااائعة من النوع الذي يصعب مفارقته … قرأتها قبل النوم و هرعت لها أول ما استيقظت و لم أنام عنها إلا اضطراراً
تحكي عن حياة زبال في عام ١٩٣٣ في الهند … خلال يوم من حياته تمثل كيفية النظر لهذه المهنة التي هي أدنى طبقة من الطبقات الدُنيا
والتي كانت تشمل مهن مثل الحلاقين ، الغسالين ، ، الدباغين و الزبالين
قد يُخيل إليك أن معنى منزلتهم بأدنى طبقة من الطبقات الدنيا إنه لا يتزوج من طبقة أخرى أو يرفضونه جاراً لهم
أو يُهان و حسب ! أدنى طبقة تعني إنه حتى إذا لامس ورقة لا أحد يلمسها بعده من نجاسته بنظرهم ! تخيل
لو صعد لبداية مدخل البيت يتم تطهير وغسيل البيت و أهله ليتطهر الجميع من نجاسة الزبال الذي يُزيل فضلاتهم
قد يتهيأ لك بأن قراءة رواية عن <زبال> ستكون مليئة بالروائح الكريهة و وصف لا يُحتمل لما قد يكابده يومياً للتنظيف
فهو يتحدث عن (حمامات … الهند … ١٩٣٣ … حتى قبل دخول السيفون !) ولكن أبداً لم يكن هناك مثل هذه الأمور التي انزعجت منها حين قراءة رواية العطر
هي تتحدث عن حاله؛ أحلامه ؛معيشته و ما يواجهه من المجتمع خلال يوم واحد من أصعب الأيام
انبهاره بالإنجليز و تقليده لهم و لو من خلال لبس بنطال قديم أو حذاء واسع
الرواية تبدأ بتعريف بسيط بالكاتب : ملك راج آنند و بكاتب المقدمة راماشاندرا كوها
المقدمة كانت جميلة جداً وفيها شرح رائع عن الظروف التي كتب بها ملك راج روايته و عن حقيقة حال الهند و الطبقية حينها
بالإضافة إلى غاندي و أمبيدكار و ما بينهما من منافسة
خاصةً و أن غاندي يُذكر كما وصفه راماشاندرا بـ ضيف شرف بالرواية و دوره بالدفاع طبقة المنبوذين و عار الطائفة الهندوسية بممارساتهم القاسية عليهم
بل ذكر راماشاندرا إن : آنند أخبر أحد مُدوني سيرته الذاتية أنه تلا المسودة الأولى من المنبوذ على المهاتما غاندي فأخبره بأن اللغة التي يستخدمها شخصياته لغة مثقفة عالية المستوى و طلب منه أن يتجول في الريف الهندي بأذنين مفتوحتين على اتساعهما ومن ثيم يُعيد كتابة الرواية
و ذلك كان واضحاً بالحوار و الترجمة بالمشهد الأخير حين كان الحوار بين أعلى أو مقثقة و كان الفرق واضحاً
و حين قرأت هذا التعليق بشأن لغة الشخصيات تذكرت معلومة تم نقاشها في ملتقى مركز حروف بعنوان إلقِ بصرك مع المترجم العُماني أحمد المعيني
عن الصعوبة التي تُواجه المترجم عند ترجمة حوار للشخصيات ذات المستوى التعليمي الأقل أو الجاهلة و أحياناً الأساليب العامية وكيفية تحويلها و توصيلها من اللغة الأم للقارئ العربي
فما بالك برواية تنقل أفكار و حال زبال هندي بالإنجليزية و تُترجم للعربية و يصلك ذلك الإحساس الحقيقي بحاله و حياته 👏🏻👏🏻
حقيقةً لا أود الإطالة و المُراجعة الأفضل للرواية هي ما كُتِبَ بالمقدمة الرائعة و سأذكر بضعة اقتباسات أو مشاهد استوقفتني
في مشهد يُصور البطل “بكا” و هو يُناظر سلع محل ملابس مستعملة فيصفه آنند : كانت تتملكه رغبة شديدة للمسها لكنه لم يستجمع على الإطلاق شجاعةً كافية
ليسأل صاحب المحل عن سعر أي شيء خشية أن يكون سعراً ليس قادراً على دفعه ومخافة أن يكتشف الرجل من كلامه أنه فتى زبّال
كيف يمكن لفتى صغير يقتنع بدونيته عن باقي المجتمع و لا يُفكر على الإقدام على اللمس و لو خلسة
مشهد مؤلم آخر : المدرسين لن يُعلموا المنبوذين خشية أن تتلامس أصابعهم التي ترشد الطلبة فوق سطور النص بأوراق كتب المنبوذين
أن يضطر و يتعايش المرء مع ضرورة النداء أثناء التواجد حول الجموع و الحشود قائلاً : بُش ابقوا بعيداً بُش زبال مقبل بُش بُش زبال مقبل
لا أود ذكر المزيد حتى لا أنقل صورة كئيبة عنها فهي رغم صعوبة الحال و وصفه لا اعتبرها أبداً مما أسميه أدب الكآبة
حتماً تستحق الإقتناء و أنصح بها حتى نوادي القراءة … رسمياً تُضاف في حسابي على
GoodReads
في رفي : أنصح به لنوادي القراءة + من أفضل ما قرأت
ولكن بانتظار إضافتها في الموقع
( إحساس قراءة إصدار بقراطيسه )
No Comment! Be the first one.